فصل: تسع وأربعمائة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء **


 سنة ست وأربعمائة

فيها عرض الاستيمار على الحاكم بأسماء الفقهاء والقراء والمؤذنين بالقاهرة ومصر فكانت جملته في كل سنة واحداً وسبعين ألفا وسبعمائة وثلاثة وثلاثين دينارا وثلثي وربع دينار فأمضى جميع ذلك‏.‏

وفيها زاد ماء النيل وغرق الضياع وغلت الأسعار وهلكت البساتين وامتلأ كل مكان من المدينة وغرق المقياس وانتهت الزيادة إلى ثلاث أصابع من إحدى وعشرين ذراعا وبلغ الماء إلى نصف النخل مما يلي بركة الحبش وغرق المعتوق‏!‏‏.‏

ولم يبق طريق يسلك إلى القاهرة إلا من الشارع والصحراء‏.‏

 سنة ثمان وأربعمائة

قدم مصر داع عجمي اسمه محمد بن اسماعيل الدرزي واتصل بالحاكم فأنعم عليه‏.‏

ودعا الناس إلى القول بإلهية الحاكم فأنكر الناس عليه ذلك ووثب به أحد الأتراك ومحمد في موكب الحاكم فقتله وثارت الفتنة فنهبت داره وغلقت أبواب القاهرة‏.‏

واستمرت الفتنة ثلاثة أيام قتل فيها جماعة من الدرزية وقبض على التركي قاتل الدرزي وحبس ثم قتل‏.‏

ثم ظهر داع آخر اسمه حمزة بن أحمد وتلقب بالهادي وأقام بمسجد تبر خارج القاهرة ودعا إلى مقالة الدرزي وبث دعاته في أعمال مصر والشام وترخص في أعمال الشريعة وأباح الأمهات والبنات ونحوهن وأسقط جميع التكاليف في الصلاة والصوم ونحو ذلك‏.‏

فاستجاب له خلق كثير فظهر من حينئذ مذهب الدرزية ببلاد صيدا وبيروت وساحل الشام سنة  تسع وأربعمائة

في آخر شوال ركب الوزير علي بن جعفر بن فلاح إلى البرك التي قبل الخليج خارج القاهرة فثار عليه فارسان فأخذه أحدهما فألقاه وفرا فلم يعرف خبرهما وحمل إلى داره فمات من الأخذ‏.‏

وولى الوزارة بعده الظهير صاعد بن عيسى بن نسطورس فأقام إلى رابع ذي الحجة‏.‏

وقيل تولى بعده شمس الملك مسعود بن طاهر الوزان‏.‏

وفيها عزل الحاكم سديد الدولة عن دمشق ووليها عبد الرحيم بن إلياس وسار إليها لعشرين من جمادى الآخرة فبينما هو قصره إذ هجم عليه قوم ملثمون فقتلوا جماعةً من غلمانه ثم أخذوه ووضعوه في صندوق وحملوه إلى مصر‏.‏

فلم يكن بها أكثر من شهرين ثم أعيد إلى دمشق فأقام بها ليلة العيد‏.‏

وورد من مصر رجل يقال له أبو الداود المغربي ومعه جماعة وأخرجوا عبد الرحيم وضربوا وجهه وأصبح الناس يوم العيد وليس لهم من يصلي بهم‏.‏

وعجب الناس من هذه الأمور‏.‏

وفيها سومح ضامن الصعيد الأعلى بما عليه وهو أربعة وستون ألف دينار وسبعمائة وخمسة وستون دينارا‏.‏

 سنة عشر وأربعمائة

فيها اشتد الغلاء بديار مصر حتى أبيع الدقيق رطلا بدرهم واللحم أربع أواق بدرهم ومات كثير من الناس بالجوع‏.‏

وبلغت عدة من مات في مدة رمضان وشوال وذي القعدة مائتي ألف وسبعين ألفا سوى الغرباء وهم أكثر من ذلك وفي سنة عشر وأربعمائة سير الحاكم بأمر الله أبا القاسم بن اليزيد إلى شرف الدولة الحاكمية أبي تميم المعز بن نصير الدولة أبي مناد باديس ومعه سيف مكلل بنفيس الجوهر وخلعة من سنة إحدى عشرة وأربعمائة فقدم المنصورية لست بقين من صفر سنة إحدى عشرة‏.‏

وتلقاه شرف الدولة ونزل إليه فقرأ عليه سجلاً عظيما فكانت أيام فرح‏.‏

ثم ورد بعده محمد بن عبد العزيز بن أبي كدينة بسجل آخر ومعه خمسة عشر علما منسوجة بالذهب فخلع على أبي القاسم ومحمد وحملا وطيف بهما في القيروان والأعلام المذكورة بين أيديهما‏.‏

 مقتل الحاكم

ولليلتين بقيتا من شوال سنة إحدى عشرة وأربعمائة فقد الحاكم‏.‏

وسبب فقده أن أخته ست الكل سلطانة كانت امرأة حازمة وكانت أسن منه فدار بينها وبينه يوما كلام فرماها بالفجور وقال لها‏:‏ أنت حامل‏.‏

فراسلت سيف الدين حسين بن علي بن دواس من مقدمي كتامة وكان قد تخوف من الحاكم وتواعدا على قتل الحاكم وتحالفا عليه‏.‏

فأحضرت ست الكل عبدين وحلفتهما على كتمان الأمر ودفعت إليهما ألف دينار ليقتلا الحاكم‏.‏

فأصعد إلى الجبل في الليل وكان الحاكم قد رأى أن عليه قطعا فلما كان في الليلة التي فيها قال لأمه‏:‏ علي قطع في هذه الليلة وعلامة ذلك ظهور كوكب الذنابة ودفع إليهما خمسمائة ألف دينار ذخيرة لها فمنعته من الركوب ونام‏.‏

ثم انتبه آخر الليل وقام ليركب فتعلقت به فامتنع ومضى وركب الحمار إلى باب القاهرة ففتح له أبو عروس صاحب الشرطة الباب وأغلقه خلفه وخرج متبعا له‏.‏

قال‏:‏ فسمعته يقول‏:‏ ظهر والله الكوكب ولم يكن معه سوى ركابي وصبي يحمل دواته‏.‏

فعارضه وسط الجبل سبع فوارس من بني قرة فخدموه وسألوه الأمان وأن يسعفهم بما يصلح شأنهم فأمنهم وأمر الركابي أن يحملهم إلى الخازن يدفع إليهم عشرة آلاف درهم‏.‏

ودخل الشعب الذي كان يدخله وقد وقف العبدان له فضرباه حتى مات وطرحاه وشقا جوفه ولفاه في كساء وقتلا الصبي وغرقا حماره وحملا الحاكم في كساء إلى أخته فدفنته‏.‏

وأقامت مدة وأحضرت الوزير خطير الملك وعرفته الحال وأمرته أن يكاتب عبد الرحيم بن إلياس يستدعيه من دمشق‏.‏

فكتب إليه على لسان الحاكم يأمره بالمبادرة واستدعت ألف ألف دينار فرقتها في الأولياء وبعثت قائد السواحل‏.‏

فلما قدم عبد الرحيم عدل به إلى تنيس فقتل بها‏.‏

واضطرب الناس لغيبة الحاكم فأرسلت إليهم‏:‏ إنه أخبرني أنه يغيب سبعة أيام وإنه يواصلني بأوامره‏.‏

ورتبت رسلا يمضون عنها إلى الحاكم ويجيئون منه إليها‏.‏

ففي أثناء ذلك اشتدت شوكتها وكف الناس عن الاستقصاء في المسألة‏.‏

وأحضرت ابن دواس وواطأته على أخذ البيعة للظاهر لإعزاز دين الله بن الحاكم وأظهرته وعلى رأسه تاج جده العزيز‏.‏

وقام ابن دواس فقال لمن حضر من أهل الدولة تقول لكم مولاتنا هذا مولاكم فسلموا عليه‏.‏

وقبل ابن دواس الأرض فبايع الناس إلا غلاما تركيا كان عمل ليلا بين يدي الحاكم فإنه قال‏:‏ لا أبايع حتى أعرف خبر مولاي‏.‏

فقتل وقام ابن دواس بتدبير الأمر‏.‏

ثم إن ست الملك دست عليه وقتلته وقتلت جميع من اطلع على سرها وقتلت جماعة خافتهم‏.‏

ثم لم تطل أيامها وماتت بعد أيام‏.‏

قال ابن أبي طي لما ذكر هذا الخبر في كيفية قتل الحاكم‏:‏ وكان الحاكم شديد السطوة عظيم الهيبة جريئا على سفك الدماء‏.‏

خطب له على منابر مصر والشام وإفريقية‏.‏

وكان يتشبه بالمأمون ويقصد مقاصده واشتغل بعلوم الأوائل واعتد بعلوم النجوم وعمل له رصدا ووقف الكواكب واتخذ بيتا بالمقطم فيه عن الناس ويخلو لمخاطبة الكواكب‏.‏

وكان يركب الحمار وعليه ثياب الرهبان ووراءه غلام اسمه مفلح يحمل الدواة والسيف والورق في كيس معلق في كتفه وهو يمشي وراءه فإذا مر بسوق انهزم الناس واستتروا عنه ويطرق أبواب الحوانيت فلا ينظرون إليه إلا أن يكون لأحد منهم حاجة فإنه يقف عليه ويكتب العبد بين يديه ما يأمره به في رقعة إلى الوزير‏.‏

وكان لا يحضره الجيش إلا في الأعياد فيركب في ذلك اليوم بثيابه على الفرس‏.‏

وكان مهاباً عند أهل مملكته وكان لا يحضر مجالس الجدل ويحتجب أياما كثيرة مشتغلا بما هو فيه وكان له سعي في إظهار كلمته فبعث دعاته إلى خراسان وأقام فيها مذهب الشيعة واستجاب له عالم وكان أبو عبد الله أنوشتكين النجري الدرزي أول رجل تكلم بدعوته وأمر برفع ما جاء به السرع وسير مذهبه إلى بلاد الشام والساحل ولهم مذهب في كتمان السر لا يطلعون عليه من ليس منهم‏.‏

وكان الدرزي يبيح البنات والأمهات والأخوات‏.‏

فقام الناس عليه بمصر وقتلوه فقتل الحاكم به سبعين رجلا‏.‏

وأنفذ الدرزي إلى الحجر الأسود برجل ضربه وكسره وادعى الربوبية‏.‏

وقدم رجل يقال له يحيى اللباد ويعرف بالزوزني الأخرم فساعده على ذلك ونشط جماعة على الخروج عن الشريعة‏.‏

وركب يوما من القاهرة في خمسين رجلا من أصحابه إلى مصر ودخل الجامع بدابته وأصحابه كذلك فسلم إلى القاضي رقعة فيها‏:‏ باسم الحاكم الرحمن الرحيم فأنكر القاضي ذلك وثار الناس بهم وقتلوهم وشاع هذا في الناس فلعنوه‏.‏

ويقال إنه خرج يوما وعليه قباء أطلس وفي وسطه سيف فخلع القباء وقال‏:‏ هذا الظاهر قد خلعته ثم جرد السيف وقال‏:‏ هذا الباطن قد سللته‏.‏

قال‏:‏ وفي السنة التي قتل فيها الحاكم أشاع أنه يريد أن ينزل في أول رمضان إلى الجامع ومعه الطعام فمن أبى الأكل قتله‏.‏

وكان دعاته إذا ركب يقولون‏:‏ السلام عليك يا واحد يا أحد ويغلون فيه الغلو المفرط‏.‏

وادعى أنه حصل له كتاب الجفر‏.‏

ولما غلب على الحرمين وعد العلويين أهل المدينة إذا هم مكنوه من فتح دار جعفر بن محمد الصادق بوعود كثيرة ففتحها وكانت مغلقة فإذا فيها قعب خشب ومصحف وسرير سعف وقدره ولم تكن فتحت قبل ذلك فرأى بالسرير وأخذ أعداءه وهدم بيعة ثمامة في سنة ثمان وثمانين وثلثمائة وخرج رسمه إلى الوزير على لسان خادم أن يتب‏:‏ أمرت حضرة الإمامة بهدم قمامة وأن يجعل علوها خفضا وسماؤها أرضا‏.‏

وبلغه أن المغاربة تلعنه فقرب الفقهاء المالكية وأمرهم بتدريس مذهب مالك بن أنس في الجامع‏.‏

وكان يحب العلماء ويقدم ما يرد فيه وإذا رأى رأيا عزم عليه وأمضاه‏.‏

وكتب إليه رجل‏:‏ إن فلانا مات وخلف مالا فوقع بخطه على ظهر الرقعة‏:‏ السعاية قبيحة إن كانت صحيحة‏.‏

وكتب إليه آخر‏:‏ إن فلانا مات وخلف بنتا وقد أخذت جميع مال أبيها فوقع على ظهر الرقعة‏:‏ المال مال الله واليتيم جبره الله والساعي لعنه الله وعلى مذهبنا يجوز أن ترث البنت جميع مال أبيها‏.‏

ومنع النساء الخروج من البيوت فقيل إن فيهن من لا تجد من يقوم بشأنها فتموت جوعا فأمر الباعة بالتطواف في السكك وأن يبيعوهن من خلف الأبواب ويناولوهن بمغارف طوال السواعد‏.‏

وكان أمر ألا يكشف مغطى فسكر رجل ونام في قارعة الطريق وغطى نفسه بمنديل فصار الناس يمرون به ولا يقدر أحد أن يكشف عنه‏.‏

فمر به الحاكم وهو كذلك فوقف عليه وقال له‏:‏ ما أنت فقال‏:‏ أنا مغطى وقد أمر أمير المؤمنين ألا يكشف مغطى‏.‏

فضحك وطرح عنده مالا وقال‏:‏ استعن بهذا على ستر أمرك‏.‏

وقرر الحاكم بعد ابن الفرات ذا الرياستين قطب الدولة أبا الحسن علي بن جعفر بن فلاح واستمر إلى أن قتل الحاكم‏.‏

انتهى ما ذكره ابن أبي طي وفيه تحامل شعر به واحد من مؤرخي مصر ذكره‏.‏

وقال الروحي على ما حكاه عنه ابن سعيد‏:‏ ولم يزل الحاكم خليفة إلى سنة إحدى عشرة وأربعمائة فخرج ليلة الاثنين السابع والعشرين من شوال فطاف ليلته كلها على رسمه وأصبح عند قبر الفقاعي ثم توجه إلى شرقي حلوان وتبعه ركابيان فأعادهما‏.‏

وبقي الناس على رسومهم يخرجون يلتمسون رجوعه إلى يوم الخميس سلخ الشهر المذكور ثم خرج خواص من بطانته فبلغوا دير القصير ثم أمعنوا في الدخول في الجبل فبينما هم كذلك إذ بصروا بالحمار الذي كان راكبه على قنة الجبل وقد ضربت يداه بسيف فأثر فيهما وعليه سرجه ولجامه‏.‏

وتتبع الأثر فقاد إلى أثر الحمار في الأرض وأثر راجل خلفه وراجل قدامه فلم يزالوا يقصون هذا القص حتى انتهوا إلى البركة التي في شرقي حلوان فنزل فيها رجل فوجد فيها ثيابه وهي سبع جباب ووجدت مزررة فيها آثار السكاكين فلم يشك في قتله‏.‏

فكانت مدته ستا وثلاثين سنة وسبعة أشهر وكانت ولايته خمسا وعشرين سنة وشهرا‏.‏

وكسفت الشمس يوم موته‏.‏

وكان جوادا بالمال سفاكا للدماء قتل عددا كثيرا من أماثل دولته وغيرهم صبرا وكانت سيرته من أعجب السير‏.‏

قال‏:‏ ومنع النساء من الخروج إلى الطرقات ليلا ونهارا ومنع الأساكفة من عمل الخفاف المنجة لهن فأقمن على ذلك سبع سنين وسبعة أشهر إلى خلافة الظاهر‏.‏

قال أحمد بن الحسين بن أحمد الروذباري في كتاب الأدباء على ما نقله ابن سعيد‏:‏ وقتل الحاكم ركابيا له بحربة في يده على باب جامع عمرو بن العاص وشق بطنه بيده‏.‏

وعم بالقتل بين وزير وكاتب وقاض وطبيب وشاعر ونحوي ومغن ومختار وصاحب ستر وحمامي وطباخ وابن عم وصاحب حرب وصاحب خبر ويهودي ونصراني وقطع حتى أيدي الجواري في قصره‏.‏

وكان في مدته القتل والغيلة حتى على الوزراء وأعيان الدولة يخرج عليهم من يقتلهم ويجرحهم‏.‏

وخطفت العمائم جهاراً بالنهار وكان لعبيد الشراء في مدته مصائب وخطوب في الناس‏.‏

وكان المقتول ربما جر في الأسواق فأوقع ذلك فتنة عظيمة‏.‏

قال‏:‏ كان الحاكم يركب حمارا يسمى القمر ويعبر به على الناس‏.‏

وكان له صوفية يرقصون بين يديه ولهم عليه جار مستمر‏.‏

ووقف رجل للحاكم فصاح عليه فمات لوقته‏.‏

وكانت غيبته إلى يوم جلوس ولده الظاهر ثلاثة وأربعين يوما‏.‏

قال ابن سعيد عن مجموع وقف عليه‏:‏ وواصل الحاكم في ركوبه الوقوف على المعروف بابن الأرزق الشواء ومحادثته بدار فرح وخلع عليه وأجازه‏.‏

وفي يوم استدعى الحاكم أحد الركابية السودان المصطنعة ليحضر إلى حانوت ابن الأزرق الشواء فوقفه بين اثنين ورماه برمح ثم أضجعه واستدعى سكينا فذبحه بيده ثم استدعى شاطورا ففرق بين رأسه وجسده ثم استدعى ماء فغسل يده بأشنان ثم ركب‏.‏

وحمل المقتول إلى الشرطة فأقام ليلة ثم دفن بالصحراء‏.‏

ثم بعث المؤتمن بعد ثلاثة أيام فنبشه وغسله وأنفذ إليه أكفانا كفن بها ثم أمر قاضي القضاة بالصلاة عليه وأمر ألا يتخلف أحد فحضر الشهود وأهل السوق وصلى عليه قاضي القضاة ودفن بالقرافة وواراه قاضي القضاة وجعل التراب تحت خده وأمر ببناء قبره وتبيضه في وقته ففعل ذلك‏.‏

وتظلم إليه رجل في ركوبه إلى مصر في ناصح الركابي فوقف عليه وسأل ناصحا عن دعواه فظهر أنها صحيحة فأمر أن يدفع ماله إليه فلم يجد معه في الوقت ذلك القدر فألزمه ببيع فرسه الذي كان راكبا عليه فباعه ووفى الرجل ما كان له عليه كل ذلك بحضرته وهو واقف على ظهر دابته ثم سار‏.‏

وقال الفوطي‏:‏ كان الحاكم أجود الخلفاء بماله وبه تفشت حاله فيما سفكه من الدماء التي لا يحصيها إلا الله‏.‏

وكان الأمر في مدة العزيز فيه انحلال وعفو كبير عن الناس وظنوا أن ذلك يجوز في مدة الحاكم وجروا على رسمهم فتجرد له منهم مطلع على جميع أمورهم غير مطرح لعقوبة فهلك الجم الغفير منهم‏.‏

وكان في مدة أبيه العزيز بالله قد تكشف على أقوام ممن يطعن في الدولة ويسىء المقالة فيها فلما صارت له الخلافة انتقم منهم أشد انتقام وعمهم بالعقوبة‏.‏

قال‏:‏ ومن حكايته المشهورة في العدل أن رجلا عربيا ورد على مصر من سجلماسة يريد الحج فأودع ماله عند رجل في السوق فلما عاد من الحج طلب ماله فأبى أن يدفعه إليه‏.‏

فتوصل إلى أن أطلع الحاكم على أمره فقال له اجلس في دكان مقابلا لدكانه فإذا جزت في ذلك السوق فاعمل كأنك تعرفني وكأني أعرفك‏.‏

فلما مر الحاكم وقف على الرجل وسأل عن حاله وأكثر معه الوقوف وانصرف فجاء الرجل الذي عنده الوديعة إلى الرجل وأكب عليه وسأله الصفح عما سلف منه وأحضر إليه جميع ماله‏.‏

فعرف الحاكم بذلك فأصبح الذي أنكر الوديعة مقتولا معلقا برجله‏.‏

وكان نقش خاتمه‏:‏ بنصر الولي العلي ينتصر الإمام أبو علي‏.‏

وخطب له معتمد الدولة أبو المنيع قرواش بن المقلد بالموصل والأنبار وقصر ابن هبيرة والمدائن‏.‏

ومن خط ابن الصيرفي يروي أن الإمام الحاكم بأمر الله قال لبعض الأعيان الذين شرفهم بمجالسته وميزهم بمحاورته فقال‏:‏ أكلت حتى شبعت وشربت حتى رويت والشبع والري غايتا الأكل والشرب فإذا قلت ونمت فنقول‏:‏ حتى إذا أي شيء جعلته غاية النوم فلم يحر جوابا ورغب إلى كرمه في الإفادة فقال نمت حتى ريثت والروث غاية النوم وأنشد‏:‏

فأما تميم بن مرّ فألفاهم القوم روثاً نياما

 الظاهر لإعزاز دين الله

أبو الحسن علي ابن الحاكم بأمر الله أبي علي منصور أمه أم ولد تدعى رقية ويقال اسمها آمنة بنت الأمير عبد الله بن المعز وإن ست الملك سلطانة أخت الحاكم كانت تعادي آمنة هذه‏.‏

ومولده بالقصر من القاهرة على مضي ثلاث ساعات من ليلة الأربعاء عاشر شهر رمضان سنة خمس وتسعين وثلمثائة وبويع بالخلافة في يوم عيد الأضحى سنة إحدى عشرة وأربعمائة وله من العمر ست عشرة سنة وثلاثة أشهر واتفق في هذا اليوم أن صلى للحاكم في خطبة العيد ثم بويع الظاهر بعد عودة القاضي من المصلى فكان بين الدعاء في الخطبة للحاكم وبين أخذ البيعة للظاهر ثلاث ساعات ولم يتفق مثل ذلك‏.‏

وتوفي ببستان الدكة خارج القاهرة في ليلة الأحد النصف من شعبان سنة سبع وعشرين وأربعمائة وعمره إحدى وثلاثون سنة وأحد عشر شهرا وخمسة أيام‏.‏

ومدة خلافته خمس عشرة سنة وثمانية أشهر وخمسة أيام كانت فيها قصص وأنباء‏.‏

ذلك أنه لما فقد الحاكم استدعت السيدة ست الملك سيف الدولة حسين بن علي بن دواس الكتامي إلى حيث كانت جالسة وقالت له‏:‏ المعول في قيام هذه الدعوة عليك وهذا الصبي ولدك وينبغي أن تتولى الخدمة إلى غاية وسعك وتبذل فيها كل ما عندك‏.‏

فقبل الأرض وشكر ودعا ووعد بالإخلاص في الطاعة وبلوغ ما في القدرة والاستطاعة‏.‏

فأخرجت علي بن الحاكم بأمر الله ولقبته الظاهر لإعزاز دين الله وألبسته تاج المعز جد أبيه وهو تاج مرصع بالجواهر الفاخرة وجعلت على رأسه مظلة مرصعة‏.‏

وأركبته فرسا رائعا بمركب ذهب مرصع وأخرجت بين يديه الأمير الوزير رئيس الرؤساء خطير الملك أبا الحسن عمار بن محمد ونسيماً صاحب السيف في عدة من الأستاذين تخدم‏.‏

فلما برز وشوهد تقدم الوزير وصاح‏:‏ يا عبيد الدولة مولاتنا تقول لكم هذا مولاكم أمير المؤمنين فسلموا عليه فقبل ابن دواس الأرض ومرغ خديه بين يديه وفعل ما يتلوه من سائر طبقات العسكر مثل ذلك وضربت البوقات والطبول وعلا الصياح بالتكبير والتهليل والظاهر يسلم على الناس يمينا وشمالا‏.‏

وفتحت أبواب القصر وأدخل الناس على العموم حتى سلموا ومدحوا ولم يزل واقفاً لهم إلى الظهر‏.‏

ثم صرفوا وجمعوا من غد وأخذت البيعة عليهم ووضع العطاء وأطلق مال الفضل للجند كافة ولم يجر خلاف من أحد إلا أن غلاما تركيا كان يحمل الرمح بين يدي الحاكم قال لا أبايع حتى أعرف خبر مولاي فأخذ وسحب على وجهه وغرق في النيل وقامت الهيبة‏.‏

وكتب إلى بلاد الشام والمغرب بوفاة الحاكم وقيام الظاهر ورسم لهم أخذ البيعة على نفوسهم ومن عندهم من سائر طبقات الناس‏.‏

وأقيمت المآتم على الحاكم في القصور والقاهرة ثلاثة أيام‏.‏

وجمعت السيدة عامة أهل مصر وخاطبتهم بالجميل والملاطفة ووعدتهم حسن السيرة والمعاملة وأمرتهم بذكر حوائجهم ومصالحهم في كل وقت والمطالعة بحيف إن لحقهم من عامل أو ناظر ليفعل في ذلك ما توجبه السياسة العادلة‏.‏

وأطلقت للنساء الخروج من منازلهن والتصرف في أمورهن‏.‏

وارتجعت جواهر كان الحاكم وهبها وحلت إقطاعا أقطعها ورتبت الأمور ترتيبا أصلحها وهذبها‏.‏

وزارت ابن دواس في منزله وجعلت مصادر التدبير على يده‏.‏

فلما أحكمت ما أحكمته وأكدت ما أكدته أحضرت ابن دواس وقالت له‏:‏ قد علمت ما بيني وبينك من المواثيق والعهود وأنا امرأة وإنما أريد هذا الملك لهذا الصبي وقد أحسن الله المعونة وأجرى الأمور على المحبة وأنت زعيم الدولة فيها والمنظور إليه منها وقد رأيت أن أنجز وعدك وأظهره وأرد إليك أمر السيادتين مضافا إلى الشرطتين وأجعل أمرك في الأمور والخزائن نافذا ورأيك في التقريرات والتدبيرات معتمدا إذ كنت المولى المخلص والشريك المخالط وأشرفك بخلع وحملان يظهر للخاص والعام بها موضعك ومحلك وتخصصك وتحققك‏.‏

فادخل الخزائن واختر كل ما تريد لفخامته ولجلالته واطلب يوماً تختار لتفاض فيه عليك الخلع ويقرأ العهد بتقليدك‏.‏

فلما سمع من ذلك ما سمع سر به وقبل الأرض شكرا عليه‏.‏

وشاع هذا الحديث فركب الناس إليه وهنئوه بالنعم المتجردة له‏.‏

وأحضرت السيدة بعد ذلك كاتب ابن دواس وقالت له‏:‏ قد تقدمنا إلى سيف الدولة بما عرفته وبما اعتمد التخفيف فيما أطعمه أو وقف فيه دون الغاية التي نريدها وينبغي لك أن تعمل أنت تذكرة بجميع ما يستوفي فيه شروط المنزلة التي قدمناه إليها والحال التي أهلناه لها وتستظهر له لا عليه في ذلك وتحضرها لنقف عليها وننجز ما فيها‏.‏

فقبل الأرض وقال‏:‏ السمع والطاعة‏.‏

فقالت له واكتب أيضا رقعةً واذكر فيها مبلغ جاريك لنوقع بإضعافه وقد أمرنا عاجلاً باعطائك ألف دينار وعشرين قطعةً ثياباً وبغلين بمركبين‏.‏

فأعاد الشكر والدعاء وصار إلى ابن دواس فأعلمه ما خوطب به وعومل به من حسن الاعتقاد فيه فتضاعف سروره بذلك ووافقه على ما كتب به التذكرة من الثياب والسيوف المحلاة والمناطق المرصعة والدواب والمراكب الذهب الثقيلة وغير ذلك من أسباب التشريفات الزائدة وعاد الكاتب بها فعرضها وتقدم باعداد جميع ما فيها وكتب له العهد‏.‏

وأحضر ابن دواس وبنو عمه وكاتبه وامتلأ القصر بالخاصة والعامة وخرج معضاد الخادم وكان قريبا من السيدة وهو أستاذ الظاهر فحمل ابن دواس إلى الخزانة حتى يشاهد ما أعد له وكان عظيما جليلا وقال له‏:‏ السيدة تقول لك إن أردت مزيدا فاطلبه فقبل الأرض ودعا وعاد فجلس في صفة على باب الستر ووجوه الدولة بين يديه وكل منهم يتطأطأ له ويعطيه من نفسه كل ما يتقرب إليه به‏.‏

فلما تعالى النهار خرج نسيم الصقلبي صاحب الستر والسيف وبين يديه مائة رجل تعرف بالسعدية يختصون بركاب السلطان ويحملون سيوفا محلاة بين يديه ويعرفون لأجلها بأصحاب سيوف الحلي وقد جرت عادتهم في أيام الحاكم بأن يتولوا قتل من يؤمر بقتله‏.‏

وقال لابن دواس‏:‏ أمير المؤمنين يسلم عليك‏.‏

فقام وقبل الأرض وفعل الناس مثل ما فعله وقال‏:‏ قد جعل هؤلاء القوم يعني أصحاب السيوف برسمك إكراما لك وتنويها بك‏.‏

فقبل الأرض ثلاثا ومرغ خديه ودعا هو والحاضرون للظاهر بما يدعى لمثله به ووقف القوم قياما بين يديه‏.‏

فعاد نسيم فألقى ما جرى فرسمت له السيدة أن يخرج ويضبط أبواب القصر بالخدم والصقالبة ففعل‏.‏

وقالت له بعد ذلك اخرج وقف بين يدي ابن دواس وقل‏:‏ يا عبيد مولانا أمير المؤمنين يقول لكم هذا قاتل مولانا الحاكم‏.‏

واعله بالسيف وأمر العبيد السعدية بأن يقتلوه‏.‏

فخرج نسيم ومعه جماعة من الصقالبة وفعل ما أمر به وأخذ رأس ابن دواس ودخل به إلى حضرة السيدة فوضعه بين يديها‏.‏

فأمرته بإيفاد الصقالبة إلى دوره والتوكيل به والقبض على جميع أسبابه وقتل كاتبه وإخراج جثته ورميها على باب القصر ففعل جميع ذلك‏.‏

ولم يعترض فيه معترض وتفرق الناس‏.‏

وأحضر موجود ابن دواس فوجدت في بعض صناديقه السكين التي كان يحملها الحاكم في كمه أخذت عند قتله‏.‏

وأقامت جثة ابن دواس ثلاثة أيام ومناد ينادي عليها‏:‏ هذا جزاء من غدر بمواليه ثم دفع إلى عبيده فدفنوه‏.‏

وقبضت السيدة بعد هذا على خطير الملك عمار بن محمد‏.‏

وكان يتولى ديوان الإنشاء وإليه زم المشارقة والأتراك وهو الواسطة بين الحضرة وبين هذه الطوائف ثم خلع عليه في جمادى الآخرة سنة إحدى عشرة وأربعمائة ووقع عن حضرة أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله على ما يوقع عليه الحاكم فجعل توقيعه‏:‏ الحمد لله رب العالمين ثم قام بعد الحاكم بالبيعة لأمير المؤمنين الظاهر كما تقدم‏.‏

فيها خلع عليه للوساطة وكتب سجله بذلك وزال أمره في ذي القعدة من السنة المذكورة فكانت مدة سبعة أشهر وأياما وقتل في الحج‏.‏

وولى بعده بدر الدولة أبو الفتوح موسى بن الحسن وكان يتولى الشرطة السفلى ثم خلع عليه أولا بالصعيد في جمادى الآخرة سنة اثنتي عشرة ثم ولى ديوان الإنشاء عوضا عن ابن خيران وخلع عليه للوساطة في محرم سنة ثلاث عشرة عوضا عن خطير الملك‏.‏

 سنة ثلاث عشرة وأربعمائة

ثم قبض عليه في العشرين من شوال منها في القصر فاعتقل وزال أمره وكانت مدة وساطته تسعة أشهر‏.‏

ثم أخرج في يومه مسحوبا وسجن ثم أخرج من الغد وقتل في الفج فوجد له من العين ستمائة وعشرون ألف دينار‏.‏

وقتلت السيدة جماعة ممن كان اطلع على سرها في قتل الحاكم وعظمت هيبتها في نفوس الأباعد والأقارب‏.‏

وفي سنة ثمان عشرة شرب الظاهر الخمر وترخص فيه للناس وفي سماع الغناء وشرب الفقاع وأكل الملوخية وسائر أصناف السمك فأقبل الناس على اللهو‏.‏

وكان قد ولى حلب غلام يعرف بأمير الأمراء عزيز الدولة أبي شجاع فاتك الوحيدي غلام منجوتكين في شهر رمضان سنة سبع وأربعمائة وكان أرمنيا دينا عاقلاً فولاه الحاكم بأمر الله حلب وأعمالها ولقبه أمير الأمراء وعزيز الدولة تاج الملة‏.‏

ودخل حلب يوم الأحد ثاني شهر رمضان منها وتمكن من البلد واستفحل أمره وعظم شأنه فعصى الحاكم ودعا لنفسه على المنبر وضرب السكة باسمه‏.‏

فمات الحاكم عقب ذلك‏.‏

فلاطفته السيدة وآنسته وواصلته بما مال إليه من حمل الخلع والخيول بالمراكب في سنة اثنتي عشرة حتى استمالت قلبه‏.‏

ولم تزل تعمل الحيلة حتى أفسدت عليه غلاماً له يعرف ببدر كان يملك أمره وغلمانه تحت يده وبذلت له العطاء الجزيل على الفتك به ووعدته أن تقيمه مقامه في موضعه‏.‏

وكان لعزيز الدولة غلام هندي يهواه ويحبه حبا شديدا فاستغواه بدر وقال له‏:‏ قد عرفت من مولاك ملالاً لك وتغيراً منه فيك واطلعت منه على عزمة في قتلك ودفعته دفعات عنك لأنني لا أشتهي أن يتم مكروه عليك‏.‏

وتركه مدة ووهب له دنانير وثيابا وأظهر له المحبة وتوصل إلى أن خلابه ثم قال له‏:‏ إن علم نبأ التعير عزيز الدولة قتلنا وما إشفاقي على نفسي وإنما إشفاقي عليك‏.‏

فقال له الصبي‏:‏ فأي شيء أعمل يا مولاي قال‏:‏ قد عرفت محبتي لك وإن ساعدتني اصطنعتك وأعطيتك وعشنا جميعا في خفض وأمن‏.‏

قال له‏:‏ فارسم ما شئت حتى أفعله قال‏:‏ تحلف لي حتى أقول لك فاستحلفه وخدعه ووافقه على قتل عزيز الدولة‏.‏

فقال له الصبي كيف أقتله قال‏:‏ الليلة يشرب وسأزيد في سقيه حتى أسكره فإذا استدعاك على الرسم لغمزه ونام فقم كأنك تهريق ماء فخذ سيفه واضربه حتى تفرغ منه‏.‏

فقبل الصبي وصيته‏.‏

وكان عزيز الدولة في الصيد فلما عاد دخل الحمام وخرج منه فأكل ثم انتقل إلى مجلس الشراب وحضر من جرت العادة بحضوره من ندمائه ثم قام في آخر وقت وقد تبين فيه السكر والصبي بين يديه يحمل سيفه حتى وافى إلى مرقده واستلقى على فراشه وأمر الغلام أن يغمزه‏.‏

فلما مضى هزيل من الليل وثقل عزيز الدولة في النوم وتحقق الصبي ذلك سل السيف وضربه به وكان سيفا ماضيا ففلق رأسه وأتبع الضربة بأخرى فقتله‏.‏

ودخل بدر وشاهده ميتا فصاح واستدعى غلمان الدولة وأمرهم بقتل الصبي فقتلوه وحوط الخزائن والقلعة‏.‏

وشاع قتل عزيز الدولة وكان ذلك في ليلة السبت الرابع من شهر ربيع الآخر سنة ثلاث عشرة‏.‏

وكتب بدر إلى السيدة بقتله فأجابته وأظهرت الوجد على عزيز الدولة وشكرت بدراً على ما كان منه في ضبط الأمر وحراسة الخزائن ولقبته وفي الدولة وقلدته موضع مولاه ووهبت له جميع ما حازه‏.‏

وكان سديد الدولة علي بن أحمد الضيف ناظرا بالشام فتلطف ببدر غلام عزيز الدولة حتى تسلم البلد منه والقلعة وولاها أصحاب الظاهر‏.‏

وسبب ذلك أن كتابا وصل إليه من الظاهر بخطه يطيب نفسه وأظهر هذا الكتاب في حلب في أيام الملك رضوان أخذه من بعض أهلها وكان في ورق إبريسم أسم عريض فيه ثلاثون سطرا بخط وسط‏.‏

وكان صدر الكتاب‏:‏ عرض بحضرتنا يا بدر سلمك الله ما كتبت على يد كاتبك ابن مدبر وعرفنا ما قصدته ولم نسىء ظناً بك لقول فيك ولا شناعة ذكر‏.‏

وقد بعثنا بأحد ثقاتنا إليك وهو علي بن أحمد الضيف ليجدد الأخذ عليك‏.‏

فلما دخل ابن الضيف على بدر بالكتاب استرسل إليه وطرح القيد في رجليه فقبض عليه وأنزله من القلعة‏.‏

وأقام بحلب سنة‏.‏

وسلمها موصوف الخادم إلى أصحاب الظاهر وثقاته‏.‏

وفي سنة ثمان عشرة وأربعمائة في ذي الحجة والناس يطوفون بالكعبة قصد رجل ديلمي من الباطنية الحجر الأسود فضربه بدبوس فكسره وقتل في الحال وقتل معه جماعة ذكر أنهم كانوا معه وعلى اعتقاده الخبيث‏.‏